الفصل التاسع (يموت من أجلها !)
-وريث ..
خرجت تلك الكلمة من بين شفتيها بصدمة …شعرت وكأن العالم يدور بها …لا تصدق هذا …لقد خد.عها شريف …تلاعب بها….وضعها أمام العاصفة وهرب منها …بدأت الدموع تحر.ق عينيها وضغطت علي كفها بقوة وهي تنظر إليه بثبات …الي وجهه القاسي وعينيه التي تلمع بمـ كر….بحثت بلهفة عن أي لمحة عن التعاطف أو الشفقة فلم تجد …هذا الرجل ليس سهلاً أبدا …هو مثل شريف …بل أسو.أ منه ..ولكنه على الأقل صريح لم يكذ.ب عليها ويخد.عها مثل شريف …
-يعني …يعني أنت متجوزني عشان أجيبلك وريث وبعدين هترميني وتأخد أبني صح ؟!
انسابت دمعة خ.ائنة علي وجنتها بينما الصدمة كانت تشع من كلماتها ..
تجهم هو ولكنه لم يبرز أي تعاطف وقال بصوت قوي:
-أنت متعرفيش الكلام ده.؟!!أنا متفق مع شريف على كده وهو وافق…أكيد مش عايز أتجوزك عشان جمالك يعني…شغلي دماغك شوية …
وضعت كفها علي فمها وهي تكتم الشهقات التي كادت أن تتحرر بينما دموعها تتساقط أكثر وأكثر وهي تنظر إليه جاحظة العينين….هذا الرجل خد.عها!!هذا الرجل الماكر..كان يريد توريط أبنته وعندما ساعدتها هي ورطها هي الآخري …أي والد هذا الذي يفعل هذا ببنته…كيف يعرف ان أبنها سوف يُنتزع من بين أحضانها ويوافق علي هذا الأمر….لقد صُدمت به حقا !!!
-أنت للدرجادي معندكش قلب هتحرم أم من أبنها ؟!فين ضميرك …فين أخلاقك ؟!
ضحك بسخرية وقال؛
-ما بلاش الفيلم الهابط ده يا بيري أنا وأنتِ عارفين اللي فيها …الجوازة دي صفقة …بيع وشرا…أنتِ مقابل الشيكات والا وقتها والدك هيتحـ بس وهتتشر.دي …وأنا مأجبرتش والدك يوافق ..بالعكس هو اللي عرضك عليا فبلاش جو الدراما الهندي ده لانه ممل جدا وأوفر وشحتفة علي الفاضي …وبيجيبلي صداع .
صمتت تماما …حقا فقدت القدرة علي التكلم …هي في ورطة أكبر مما تتخيل …فتاة مثلها حتي لو كانت ذكية لن تستطيع الوقوف امام هؤلاء ..شريف وعدي من أنواع الناس الذي لا يعرفون أي شفقة ولا رحمة ….هي وقعت في الفخ وأنتهي الأمر …لا يوجد الا حلين الحل الأول هو أن يشفق عليها شريف …ولكن الحل الآخر ربما يكون أفضل أن تقول لعدي الحقيقة وتخاطر بإحتمال ان تُسجن وتترك والدتها بمفردها …فركت عينيها بتعب وهي تري ان كل الخيارات المتاحة محفوفة بالمخاطر…هي لا تعرف عدي جيدا …لا تعرف ماذا سيحدث إن قالت له الحقيقة …هل يا تري سوف يقف بجانبها ام سيستغل الوضع وتبقي هي بيدق الإنتقا.م من شريف وتتد.مر حياتها بين هذين الأثنين…
وضعت كفها علي وجهها وهي تشعر بالتعب …بالإنهاك …عقلها يؤلمها من كثرة التفكير …نظرت الي عدي وقالت:
-يعني أنا هتجوزك عشان أجيبلك وريث ليك وبعدين هتطر.دني من حياتك وتأخد أبني وانا مش مسموحلي أشوفه ؟!!!
-أستغفر الله هو أنا شيطا.ن ؟!
-لا العفو أنت ملاك !
قالتها بسخرية مريرة ليبتسم هو ويقول:
-لا أنا معملش كده في بنات الناس يا بيري …أنتِ هتشوفي ابنك او بنتك أكيد بس مش هيتربوا معاكي ولا هيروحوا معاكي حتة في أي وقت تيجي تزوريهم في بيتي وتمشي علطول…
-وليه الفيلم الهندي ده ؟!ما تتجوز واحدة تحبك وتحبها وخلف منها من غير ما تنفصل وتشتت أولادك بالطريقة دي …أنت عايز تخلي أبنك غير سوي نفسيا زيك …
أخرج عبوة سجائره وقال بشرود وهو يدخن؛
-الحب وهم يا بيري …حاجة كده أوفريتيد أووي ..وانا مش عايز ست في حياتي …أنا عايز وريث بس ومنك بالتحديد!!!
……………
امام كلية الألسن…
خرجت ليان هي ونسرين يتضاحكان …استطاعت نسرين أخيرا أن ترسم البسمة علي وجه صديقتها …كانت بالفعل حزينة بسببها وتريد أن تسعدها بأي طريقة …
-أفضلي أضحكي كده دايما يا لي لي وسيبك من كل حاجة …مفيش حد يستاهل زعلك…
هزت ليان رأسها موافقة وقالت:
-عندك حق …محدش يستاهل أبدا يا نسرين …أنا من النهاردة هحب.نفسي وبس …مش ههتم غير بنفسي …كل الإهتمام اللي كنت بديه.لموسي أنا أولى بيه ..
ابتسمت نسرين أكثر وقالت :
-أهو هو ده الكلام يا لي لي عايزاكي دايما كده محدش يقدر يهزك ابدا…انسيه الحيوان ده ميستاهلش واحدة زيك خالص وبكرة هتلاقي اللي أحسن منه وهتقولي نسرين قالت ..
نظرت ليان بإمتنان الي صديقتها …بالفعل حديثها مع نسرين أفادها كثيرا …أحيانا مشاركة همومنا مع أقرب أصدقائنا تفيدنا كثير ولا يوجد أقرب من نسرين الي قلبها …
وقفت فجأة وهي تري موسي يقف أمام السيارة الفارهة وعينيه مثبته عليها بنظرات غريبة …في أي يوم آخر كانت ستطير فرحة بتلك النظرات منه …كانت ستقول أنه يحبها ولكنها أقتنعت أخيرا انها عمله …وأن حمايتها واجبه …لهذا يتقاضي أجراً…هو لا يزيح عينيه عليها بغرض حمايتها ليس الأ…تنهدت وأشاحت بوجهها عنه ونظرت الي نسرين وقالت ؛
-تعالي أوصلك ..
هزت نسرين رأسها وقالت وهي تبتسم بخجل:
-لا جو قال هيجي يأخدني عشان يوصلني وهنتغدي سوا…
هزت ليان رأسها وقالت بخفوت:
-تمام باي…
ثم أتجهت الي السيارة وقلبها يرجف داخل صدرها … تدعو الله الا تنهار …لقد تمنت أن تأتي نسرين معها كي لا تبقي وحدها معه ولكن نسرين تلك الغبية لم تفهم قصدها ابدا وتركتها وحيدة والان يجب أن تصارع نفسها حتي لا تنظر إليه …حتي لا يري ضعفها في عينيها…حتي لا يفتـ ضح أمر اشتياقها له …فتح موسي الباب الخلفي بلباقة لتجلس هي بهدوء ودون ان تنظر إليه حتي …تنهد موسي وهو يتذكر تلك الأيام التي كانت تنظر إليه بشغف وحب خالص …ولكن الآن هي تتجاهل نظراته بإستمرار وحتي إن نظرت إليه تعود لرشدها بسرعة وتشيح بنظراتها ….
ابتسم بحزن وهو يفكر ان يبدو انها تعلمت الدرس جيدا …فها هو ما اراده.قد حدث هي ابتعدت عنه تماما ولكن المعضلة كانت …هل فعلا ارادها ان تبتعد ام ان ابتعادها جعله يشعر بالحزن أكثر ؟!…ولكنه عاد لرشده …ما دامت ستكون آمنة …ما دامت ستكون بخير فلا تهم مشاعره…ولا يهم.كم يتأ.لم …المهم هي …هي فقط …
تنهد وهو يستقل السيارة وينطلق بها بسرعة …
أخرجت ليان من حقيبتها هاتفها المحمول ثم أخذت تعبث به …لم ترد ان تلتحم.نظراتهما …فهي حتي الآن لا تستطيع مقاومته للأسف …كان موسي كل فترة ينظر إليها من خلال المرآة وهي كانت تشعر بنظراته مثبتة عليها ولكنها تجاهلتها بإصرار …كانت بارعة حقا في تجاهله …بارعة بطريقة أدهشتها هي شخصيا…لم تظن أبدا انها ستسطيع مقاومة موسي ولكنها بالفعل فعلت وقاومت نظراته …هذا انتصار وجب ان تصرخ فرحا به !!!
انحرفت عيني موسي قليلا في المرآة من علي ليان وأنتبه لتلك السيارة الحمراء التي تتبعهم …تري منذ متى تتبعهم ولماذا لم ينتبه.لها …أكان هذا غباء منه أم إهمال؟!
ابتلع ريقه وهو يشعر بدقات قلبه تتسارع …زاد من سرعة السيارة ولكن السيارة الحمراء زادت من سرعتها أيضا حتي استطاعت السير بموازة سيارتهما ونظر إليه سائقها وهو يبتسم بشـ ر مشيرا الي ليان بعلامة الموت !! …نظر موسي بسرعة الي ليان وحدها منشغلة بهاتفها المحمول …سيطر علي خوفه للحظات ثم زاد.من السرعة أكثر بطريقة أفزعت ليان …
-فيه أيه ؟!ليه بتسوق كده؟!
صرخت ليان برعب لينظر موسي الي المرآة ويتنهد.براحة عندما رأي ان السيارة لم.تعد.تتبعه …
-مفيش حاجة .
قالها موسي بإختصار ثم أكمل سيره ..
………………
خرجت من سيارة الأجرة وهي تشعر بالنير.ان تحرق كامل جسدها …كان غضبها متصاعد …تشعر بالجنو.ن …لقد خد.عها هذا الحقـ ير…لم يخبرها السبب الحقيقي لزواجها من عدي ولكنها لن تسكت ستحـ طم العالم فوق رأسه ….
ولجت للفيلا وهي غاضبة كعبها العالي يطرق الأرض بغضب …وجهها الابيض يتخضب بحمرة الغضب …
….
كان شريف جالس علي مكتبه براحة وهو يفكر انه بعد غد سوف يتخلص من ذلك الكابوس الذي يلاحقه …ثم يمزق الشيكات وينتهي هذا الأمر وجواهر هي من ستتولي الأمر من عندها …هو لن يساعدها ولن يتدخل مهما.فعل عدي بها….علي الرغم من انه يشعر بقليلاً من الشفقة عليها ولكنه يقتـ ل هذا الشعور بتفكيره أنها هي السبب فلو لم تساعد عبير علي الهرب لم تكن لتتورط …هو أبدا لم ينوي ان يستخدم تلك الشيكات ضدها…هو ليس بتلك الحقا.رة..ولكن دايما الضرورات تبيح المحظورات …عندما يتعلق الأمر بحياته وسمعته سيفعل المستحيل كي ينجو…هل هو أناني؟!نعم بكل تأكيد وهو لم ينكر أبدا ان تلك الصفة متأصلة فيه …
-ده عايز وريث !!!!!
انتفض شريف تقريبا وجواهر تلج لمكتبه كأنها عاصفة مُهلكة …كانت غاضبة …غاضبة بحق….وجهها يكاد ينفـ جر منه الدماء من شدة الغضب …عينيها رطبة بفعل الدموع ولكن هذا لم يقلل أبدا من غضبها…كانت تنظر إليه بغضب …بصدمة وقهر …ويعرف فيما تفكر الأن …لابد انها تفكر أنه حقـ ير ولكنه حقا لا يهتم بتفكيرها عنه …لا يهتم …
-كويس أنك عرفتي عشان مشيلش هم أني خد.عتك…مش عايز أحس بتأنيب الضمير.!!!
-أنت أكيد مجنو.ن…ضمير أيه هو أنت عندك ضمير من أساسه !!!
صرخت به بجنون ليبتسم بسخرية ويقول:
-مقبولة منك يا جواهر بس للأسف مفيش حل تاني ليكي ولا ليا …احنا الاتنين أتورطنا خلاص …لو مش هتنفذي كلامي ..هتضطري تشرفي في السجن معايا …
-أنا ممكن أبلغ عنك بتهمة التز.وير علي فكرة …ممكن …
قاطعها شريف مبتسما وقال:
-علي مهلك يا متر …صدقيني قبل ما تفكيري تعملي كده.هكون مقدم الشيكات وساعتها أنتِ هتدخلي السجن قبلي وأنا هاجي وراكي ونونس بعض يا جوجو …
-أنت معندكش ضمير !!
صرخت بها ودموعها تتساقط فقال شريف وهو يشعر بالملل :
-أنا مش عارف هتنفعك بإيه الدراما اللي بتعمليها كل ما تشوفي وشي دي…صدقيني كلامك ده مش هيخليني أحس بالذنب وأتراجع…لا لا يا حبيبة قلبي مش هيحصل أبدا …أنتِ هتتجوزي عدي رشيد خلاص …مقدمكيش حل الا ده ..حل ينقذنا أحنا الاتنين …
-وأمي ..أمي اللي هسيبها لوحدها دي أوديها لمين ؟!
نفخ شريف بضيق وقال :
-علاجها هيبقي علي حسابي هحجزلها في مستشفي كبير تتعالج تقديرا لمساعدتك ليا مش أكتر وتقدري تزوريها طبعا في السر …شوفي أنا مسهلك كل حاجة ازاي …مش عايزك تتعبي كتير وتفكري …كل اللي عليكي أنك تنقذيني من الورطة دي وصدقيني.يا جواهر عمري ما هنسي الجميل ده.طول حياتي …
أغمضت عينيها وهي تبكي وقالت:
-وانا عمري ما هنسي أنك ورطتني …عمري ما هنسي وشك التاني ..ولا حقا.رتك معايا …لولا الشيكات اللي أنت ماسكهم.عليا مكنتش فكرت حتي أساعدك …وسيبتك.تتحبس ولكن للأسف أنا صباعي تحت ضرسك.
مسحت دموعها وخرجت متجهة الي غرفة عبير لتبدل ثيابها وحقا متي سوف ترتاح من تلك المشكلة ….متي.سيشفق عليها شريف ؟!هل حقا سوف ينتهي الأمر ان تتزوج من هذا الرجل …أن تعيش حياة مريرة معه …أن تكون مجرد وعاء لأطفاله …هل ستقبل بهذا ؟!!والإجابة لا ..هي لن تقبل بهذا أبدا!!
…………………..
نظرت نسرين الي الساعة بضيق …نصف ساعة مرت ويوسف لم يأتي بعد …تتصل به لكن هاتفه مغلق …أين هو ولم تأخر عليها …يوسف لم يتأخر عليها أبدا …كان دوما يأتي بموعده…اذن ماذا حدث …
ربعت ذراعيها وهي تضرب بكعبها علي الأرض بنفاذ صبر ….نفخت عدة مرات ثم أخرجت هاتفها وحاولت التواصل معه مرة آخري …غضبت عندما وجدته مغلق مجددا! …فجأة انطفأ غضبها وشحبت وفكرة جديدة تلاحقها ..ماذا إن كان بمشكلة او حدث له شئ ….بسرعة اختفي غضبها وحل محله الغضب وقالت:
-يارب ميكونش حصله حاجة …هو مش متعود علي كده
……….
داخل احد المتاجر الكبيرة كان يقف يوسف وهو يطرق علي الحاجز الزجاجي بتوتر …لقد تأخر علي نسرين من أجل ان يحضر لها هدية …قرر أن يسعدها اليوم ويجلب لها هدية خاصة بالتأكيد سوف تحبها كثيراً…لقد طلب إعدادها مخصوص من أجلها …
اخرج هاتفه مجددا وهو ينظر إليه بضيق …اليوم ليس يوم حظه لقد تلف هاتفه فجأة وهو الآن بحاجة لشراء واحد جديد فقط ليقابل نسرين ويعطيها هديتها ثم يدعوها علي الغداء وبعدها يتفرغ لمشكلة هاتفه تلك …
-أخيرا يا راجل …
قالها يوسف لصاحب المتجر الذي يحمل صندوق كبير باللون الزهري …لونها المفضل …
-حطيت كل الحاجات اللي طلبتها مني …بس الألبوم أخد مني وقت كبير …اعذرني يا باشا …
-ولا يهمك…
قالها يوسف وهو يخرج من جيبه نقود ويعطيها للرجل ثم خرج بسرعة واستقل سيارته وأنطلق بها …
صوت مواء لطيف صدر من الخلف ليبتسم يوسف ويقول:
-أكيد هتفرح بالهدية دي …هي بتحب القطط
ثم أسرع أكثر كي يصل لها بسرعة …فهو لن يتركها تنتظره أكثر من هذا …
……..
زفرت نسرين بضيق …هذا كثير جدا …لقد اقلقها تأخره …تتمني فقط ان يكون بخير ولن تغضب منه حتي لو كان تأخر عمدا…المهم أن يكون بخير …ولا تريد أي شئ آخر …
-نسرين ؟!
أخرجها صوت مألوف من شرودها …أجفلت وهي تري فؤاد الذي تجنبته كثيرا الأيام السابقة يترجل من السيارة وهو يبتسم أبتسامة ساحرة …توترت نسرين كثيرا فلو أتي يوسف الآن ستحدث كارثة هي تعرف بهذا…..يوسف اخبرها بصراحة انه يغار منه وهي قررت أن تبتعد عنه ..فهي غير مستعدة أبدا لخسارة يوسف …كان تريد فتح فمها والكلام …كانت تريد إبعاده عنها ولكن أمام نظراته القوية …ابتسامته الجميلة وقفت عاجزة تماما لا تعرف ماذا تفعل وكيف تبعده عنها …
نظرت الي الأرض وهي تداري وجهها الذي أحمر من الخجل فقال فؤاد:
-بقالك.مدة.بتتجاهلي رسايلي يا نسرين …حتي بتصل بيكي مش بتردي عليا …أنا زعلتك ولا حاجة …طيب ضايقتك في اخر مرة طلعنا فيها ؟؟!
هزت نسرين رأسها بالنفي فقال هو:
-أومال ايه السبب اللي مخليكي.زعلانة مني بالشكل ده …عارفة اني النهاردة قولت لماما إني هروحلك الكلية …حتي هي قلقانة عليكي …
تنهدت نسرين وقالت وهي تنظر إليه :
-أنا اسفة يا فؤاد بس الفترة اللي فاتت كان ورايا كويزات كتير عشان كده كنت مشغولة….أنا اسفة أووي مكنش قصدي اتجاهلك …ولا حابة طبعا أعمل كده …
ازدادت ابتسامة فؤاد اتساعا وسحرا وقال وهو يرفع شعره عن جبينه في حركة سلبت قلبها بقوة وقال:
-ولا يهمك يا ستي أنا مسامحك.جدا كمان …بس بشرط تقبلي دلوقتي عزومتي علي الغدا ومش هقبل بأي عذر
ابتسمت له بخجل وهي عاجزة عن الرفض من الأساس ورغم تنبيهات عقلها الكثيرة الا أنها اتبعت اهواءها وهزت رأسها موافقة ليبتسم هو ويسحبها من كفها نحو سيارته…
ومن بعيد كان يوسف واقف يراقبهما وهو يمسك صندوق الهدايا …فجأة ألقي الصندوق علي الأرض بعنف وقال:
-أنا لازم أتصرف …لازم !!
……………..
توقف أمام القصر الكبير وهو يتنهد أخيرا براحة ولكن ما زال قلبه ينبض بخوف …. اليوم شعر برعب لم يشعر به من زمن …فكرة أن أحد سوف يؤذ.يها …أو يقتـ لها حطمته كليا ….هو ابتعد عنها لكي لا يؤ.ذيها …تحمل عذاب أن يكون بقربها وبعيد عنها في نفس اللحظة فقط كي تكون بخير …لذلك فكرة أن أحد ما يلمس شعرة واحدة منها كانت مرفوضة تماما ….
ترجلت ليان من السيارة ثم أنطلقت داخل القصر…
………
-عدي …
قالتها ليان بإبتسامة واسعة وهي تقترب من شقيقها وتعانقه بقوة . ….ابتسم عدي بحنو وضمها إليه وقال:
-أخبار الكلية أيه النهاردة ؟!
-كويسة الحمدلله …
شدت علي كفه وقالت بلهفة:
-أنت موجود النهاردة وهتاكل معايا صح ؟!
قبل عدي رأسها مبتسما وقال :
-أيوة هناكل كلنا سوا النهاردة روحي غيري هدومك وانا وصيتهم يعملولك كل الأكل اللي بتحبيه …أشرق وجه ليان فنادرا ما يأكل شقيقها معها …من الاساس نادرا ما تراه ولكن رغم ذلك تعشقه جدا …فرغم كل شئ …ورغم الحقيقة المؤ.لمة الا ان عدي لم يعاملها بسوء أبدا أحبها حتي أكثر من حياته …هي متأكدة من هذا الأمر …
ركضت صاعدة الي غرفتها لينظر عدي الي موسي الواقف امامه ينظر إليه وفي عينيه يسكن خوف أقلق عدي …
أشار له عدي ليدخل مكتبه فهز موسي رأسه…
…….
دخل عدي الي المكتب يتبعه موسي الذي كان يحك شعره بتوتر بينما ما زال قلبه يدوي داخل صدره ….لقد عاش خوف ان تفقد من تُحب مرة آخري وهذا كان أقسي شئ قد ذاقه يوما. ..
-أنت شوفت حد منهم ؟!
قالها عدي وهو يتنفس بإرتعاش…فحال عدي لم يختلف عن حال موسي الأثنان يتشاركان نفس الخوف من فقد ليان …كلاهما يهتمان بها …مستعدان للتضحية بحياتهما من أجلها وهذا صحيح فعلا ….لا مجال للشك في الأمر …سواء عدي او موسى …الأثنان ليان تمثل لهما أهمية كبري …تمثل جزء مهم جدا من حياتهم والحياة بدونها لا تستحق العيش …
جلس موسي علي المقعد وهو يرجع رأسه للوراء …يجمع كلماته ليخبره ما الذي حدث منذ قليل …
-أيوة …للأسف فجأة لقيتهم ورايا يا عدي …معرفش من أمتي كانوا مراقبني ..كانت عربية حمرا واللي سايقها كان عوض…هو مكانش ناوي يعمل حاجة النهاردة بس شكله قريب لانه شاور عليها بمعني انه هيموتها …
جلس عدي ولم يتحمل ان يقف أكثر من هذا …ما يقوله موسي مريع…رباه ماذا يفعل الآن كيف يحمي شقيقته….كيف يحميها وهي لا تعرف أصلا ما الخطر الذي يواجهها ….
مسح عدي علي وجهه وارجع رأسه للخلف وعقله لا يتوقف عن العمل…وحال موسي لم يكن افضل منه…الأمر أصبح يخيفه …هو لا يخاف من الموت بقدر الخوف من أن يخسر أحد يحبه …فخسارة من يحبه هو أقسي من الموت بالنسبة له …بالنسبة له هذا هو الموت البطئ …ان تتمني أن تموت كل يوم ولكن لا يحالفك الحظ….روحك.عالقة بين الحياة والموت …لا أنت علي قيد الحياة ولا أنت ميت…
-أنا خايف…
قالها موسي وعدي في وقت واحد …نظرا الاثنين الي بعضهما في صمت فكسر موسي الصمت وقال:
-متقلقش يا عدي مش هيحصلها أي حاجة أنا مش هسمح لأي حد يلمس ولو حتي شعرة منها …
هز عدي رأسه بثقة وقال:
-أنا واثق فيك. جدا يا موسي …عارف أنك هتحميها عشان كده اختارتك انت بالذات يا صاحبي …عشان عارف لو في يوم ليان كانت في خطر …
-هموت أنا لكن هي مش هيحصلها حاجة …متقلقش يا عدي في اليوم اللي هختار بين حياتي وحياتها ..هختار اني أموت وهي تبقي سليمة !!
هز عدي رأسه بإمتنان…عدي يظنه يفعل هذا لانه يشعر بالإمتنان لعدي …لو عرف مشاعره الحقيقية نحو ليان هل سيكون بهذا الإمتنان يا تري؟!!
………….
في مشفي الأمل …
-هو ده منظر واحدة كتب كتابها قريب يا بنتي …أنتِ زي اللي ماتلك حد !
قالتها مدام منى وهي تنظر لوجه رانيا الشاحب وعينيها المتورمة ..
-أنا كويسة يا مدام …
قالتها رانيا وهي تطرق برأسها …
-مش باين عليكي يا بنتي …أنتِ أغمي عليكي النهاردة تاني …لو كان دكتور يحيى موجود مكانش هيخليكي تشتغلي النهاردة …مالك يا بنتي أهلك غاصبينك علي الجواز…
هزت رأسها بالنفي وهي تحارب دموعها …لم ترد ان تكون مثيرة للشفقة أكثر من هذا …فكل ما نالته هنا هو الشفقة ….
-يا مدام أنا كويسة والله ..أنا بس الأيام دي مباكلش كويس …تجهيزات فرحي وكده…خليني أروح اكمل شغلي…
-ماشي يا رانيا روحي .
……
بدأت رانيا تنظف بكل نشاط وهمة…كانت تفرغ كل غضبها …إحباطها ويأسها في العمل ….كانت تعمل دون ان ترتاح لثانية واحدة حتي ….تعمل وكأنها تعاقب نفسها لانها قبلت به …تعاقب نفسها لانها أحر.قت قلب إنسانة ليس لديها أي ذنب …فكرت في نفسها وفي والدتها ولم تفكر بتلك المسكينة التي ترجتها أن تبتعد عن زوجها…عندما نظرت رانيا الي إنعكاسها في المرآة اليوم رأت إمرأة بشـ عة … انانية…رأت انها الظالمة وليست الضحية …المرأة كادت أن تقبل يديها كي تبتعد عن زوجته …كي لا تهدم حياتهما …ولكنها تصرفت بأنانية كبيرة بينما تعتذر منها اعتذار بارد …كان يجب ان تبتعد ….الا تقبل بهذا الأمر …ولكنها للأسف قبلت …للأسف رضخت …لتتحول من ضحية الي ظا.لمة …
مسحت بغضب دموعها التي بدأت تبلل وجنتيها …لم ترد ان يشفق عليها أحدهم …لقد انتهي أمر الشفقة للأبد ….
-آنسة رانيا أنتِ كويسة ؟!
صوته اللطيف زلزلها من الداخل …لو فقط يعرف أي سيطرة يمتلكها صوته عليها أكيد كان سيشعر بالغرور …صوته فقط بعثرها تماما …ازدردت ريقها ونظرت إليه …تجهم وجه يحيي وهو ينظر إليها …وجهها شاحب للغاية …عينيها حمراء ويبدوا انها بكت كثيرا …كان حالها مثيرا حقا للشفقة …
-أنسة رانيا شكلك معيطة وتعبانة فيه حاجة ؟!
هزت راسها وهي تقول :
-لا يا دكتور أنا كويسة ..وكويسة جدا كمان ..عن إذنك هشوف شغلي عشان طالعة بدري النهاردة …
وبالفعل تركته وبدأت تعمل بجد …
نظر يحيي إليها بحيرة ثم هز كتفه وهو يتجه الي غرفة الطوارئ
……..
انتهت أخيرا من التنظيف وارتدت ملابسها وخرجت من المشفي لتجد.محسن ينتظرها امام المشفي …تجهم وجهها وهو ينظر إليها …اقترب وهو يرسم.ضحكة سخيفة علي وجهه وقال:
-ايه بتشتغلي دكتورة هنا…آه نسيت ..قالولي إنك فراشة….
-عايز ايه ؟!
رفع حاجبيه وقال:
-ايه هو اللي عايز ايه يا حبيبتي …خطيبك وعايز يتطمن عليكي فيها أيه دي …
زفرت بضيق فقال هو بخبث:
-يالا تعالي أنا عازمك علي طبق كشري ..
ثم سحبها وهي ذهبت معاه مستسلمة!!
…….
في أحد المطاعم الشعبية كانت تتناول طعامها بهدوء وهي تنظر إليه بقلق …منذ ان آتي بها الي هنا وهو ينظر إليها بتلك الطريقة التي تثير قلقها …تشعر انها يريد قول شيئا ما ….
-بقولك ايه يا جوجو ….طبعا بعد الجواز متقوليش شغل تاني …أنا مراتي مش هتتبهدل وتنضف للناس …انتِ هتبقي أميرة في بيتك وانا هجيبلك اللي أنتِ عاوزاه …
هزت رأسها وهي تأكل …كل هذا لم يثيرها ولم يحرك مشاعرها …هي تنفر منه وتلك هي الحقيقة التي لا يمكن أبدا تغييرها
-جوجو بقولك …
قالها بتردد لتنظر إليه فأكمل؛
-طبعا أنتِ صحيح بنت خالي …وبنت محترمة ….بس اعذريني أنتِ طلعتي ولفيتي ..ودورتي وأكيد صاحبتي …
-ايه اللي أنت بتقوله ده …انت عايز توصل لأيه بالضبط ؟!
-تروحي معايا عند دكتورة نسا تكشف واتأكد من أنك بنت ولا لا !!!
……………
في المساء
– تعالي يا ياسمين يا حبيبتي تعالي سلمي علي مامي.
قالتها جوري وهي تفتح ذراعيها لكي تضم ابنتها …ياسين أتي بنفسه وأحضرها معه لكي ترى والدتها …ياسمين هي الورقة الرابحة لكي تستطيع ان تعيد ياسين إليها …فهي عرفت أخيرا انها لم تحب غيره …علي الرغم من انها هي من تركته .
.لم تحلل.مشاعرها في رغبتها ان يعود إليها …بل بدأت في التخطيط لكي ترجعه إليها …ولا يهم الباقي !!
-ياسمين حبيبتي تعالي سلمي علي ماما ..
قالتها جوري وهي تبتسم لها حتي آلمها فمها من الأبتسام…كانت داخلها تسب وتلعن تلك الغبية التي تختبئ منها بحضن والدها …تلك الفتاة ستدمر كل شئ …ستذكر ياسين بما كانت تفعله بها !!
-بابي خلينا نمشي…خلينا نمشي …
قالتها ياسمين بإرتجاف وهي تشدد من احتضان والدها …
-ليه يا حبييتي…طيب سلمي عليا على الأقل !
قالتها جوري وهي تقترب منها ولكن ياسمين دفنت وجهها في ملابس والدها وهي تجهش بالبكاء …
نظر ياسين الي ابنته بحزن ثم حملها وهو يضمها بقوة بينما ينظر الي جوري بحـ قد واضح وقال:
-أنتِ فاشلة لدرجة أنك مش قادرة تحبي بنتك ولا قادرة تخليها تحبك…ياسمين عمرها ما هتنسي اللي أنتِ عملتيه فيها …عمرها …
ثم أخذ ابنته وغادر تاركا اياها تستشيط غضبا …لما لا يعطيها فرصة لتثبت له انها تغيرت …لما هو قاسي معها بهذا الشكل …هذا التجاهل منه يؤلمها …يغضبها….ياسين كان ملكها وهي بغباؤها ضيعته من بين يديها ولكن يجب أن تحصل عليه مجددا هي لن تستلم …لن تستلم أبدا حتي يعود لأحضانها …هي معها الورقة الرابحة ..هي أم طفلته …يجب أن يفضلها عن تلك المرأة …يجب أن تكون مكانتها هي الاعلي دوما !!!
……..
في منزل ياسين …
كانت ورد قد انتهت من تنظيف المنزل وأحضرت طعام العشاء لياسمين …لقد أخبرها ياسين انه سوف يذهب بياسمين الي جوري لانها طلبتها واشتاقت إليها …وعلي رغم البرود الذي أظهرته..كان تشعر بالغيرة من داخلها …الغيرة علي ياسين !!!وهذا حقا كان مفاجئا لها …ان تشعر بالغيرة عليه لتلك الدرجة …
فُتح الباب لينتشر صوت ياسمين المبهج…خرجت ورد مبتسمة ثم اقتربت من ياسمين وعانقتها وقبلتها قائلة:
-ازيك يا سكرتي …وحشتيني اووي …
-وانتِ كمان وحشتيني يا طنط.ورد…
نهضت وهي تتلاعب بشعرها وقالت:
-يالا دلوقتي هساعدك تغيري هدومك عشان تتعشي وتنامي علطول …مفهوم….
-مفهوم…
-شطورة حبيبتي ..
……..
بعد قليل
وعلي طاولة الطعام كانت تجلس ورد تطعم ياسمين في فمها ويتضاحكان بسعادة….كانا الاثنين منسجمان معا…نظر ياسين اليهما وهو سعيد من أجل ابنته ولكنه أختنق فجأة عندما تذكر تصرفها مع جور ي وكيف انها كانت خائفة منها …للأسف ياسمين لن تتجاوز أبدا ما فعلته جوري معها …لن تنسي …
وعلي الرغم من اللي ابنته مساعدة من طبيب نفسي الا انه يشعر ان ابنته ما زالت تحتاج للمساعدة.
………
بعد ساعة تقريبا وبعد ان ساعدت ورد ياسمين بالنوم …استحمت وارتدت قميص بيتي أزرق وجففت شعرها ثم اتجهت الي الفراش كي تنام…أوقفها ياسين وقال :
-استني حابب اتكلم معاكي قبل ما تنامي …
هزت رأسها وجلست علي الفراش ..ركع هو أمامها وأمسك كفيها ثم قبلهما بلطف وقال :
-شكرا عشان بتعاملي بنتي كويس …
قبلها مرة آخري وقال :
-وشكرا عشان مهتمة بأمور البيت ومش مقصرة
قبل كفيها مرة آخري وأكمل:
-وشكرا عشان متحملة جلنف زيي…شكرا أووي …
تنهد وقال بصدق:
-وانا أسف علي كل اللي عملته…آسف لاني انسان معقد …آسف عشان مبقدرش اسيطر علي لساني بس أوعدك هحاول…هحاول لحد ما أبطل أبقى دبش …
ابتسمت ورد له ليبتسم لها ثم يقترب منها …وكانت تلك الليلة هي بداية جميلة لهما
…………….
-ليه عملتي كده يا رانيا …ليه ؟!
صرخت والدتها بها وهي تضر.ب علي ساقيها بعنف ….
هزت رانيا رأسها بذهول وقالت:
-هو ايه اللي ليه يا أما ؟!!!بقولك كان عايز يوديني دكتورة عشان يتأكد من شرفي ….بيقولي في وشي إني رخيـ صة …ده أنا أقل حاجة مفروض أعملها اديله بالجزمة علي دماغه عشان يعرف ان بنات الناس مش لعبة …ايه يا أما …ايه أنتِ عمرك ما هتنصفيني كده ابدا …هتفضلي دايما جاية عليا …حرام عليكي أنا مش انسانة د..مش بحس …مش بتوجع ولا مليش حق أتوجع حرام عليكم ….فيه ايه أكتر من إنه يقول هاخدك دكتورة عشان يعرف أنا …
أغمضت عينيها وانفجرت في البكاء بعنـ ف …كانت تحترق من الداخل …تشعر بالإهانة المريرة …قلبها يتمزق ولا أحد يشعر بها …كلماته المحطمة ما زالت تدور في عقلها فتغضبها أكثر …تمنت ان يعود الزمن لتلك اللحظة بالذات لتقتله لانه يفكر بتلك الطريقة الدنيئة والرخيصة …لقد بصقت عليه فقط …وهذا رد فعل ضئيل بما قاله …وجب حقا أن تقتله ولكن والدتها …والدتها كالعادة لا تقف في صفها…والدتها تقف ضدها …
مسحت دموعها التي انفجرت من عينيها وقالت بقوة:
-ها يا أمي عايزاني اكمل مع واحد زي كده …واحد شاكك في شرفي وأخلاقي يا أما…واحد اهانني …ليه أرمي نفسي بالطريقة دي …ما طز يا أما …طز إن شالله عني ما أتجوزت …مع أنا أعنس أحسنلي!!!
-طيب يا بنتي وفيها ايه لما يتطمن …فيها ايه يعني …مادام معملتيش حاجة خايفة ليه؟!
أخذت تلطم رانيا علي وجهها وتقول:
-يالهووي يا لهووي ..هتمو.تيني ناقصة عمر …أنتِ ايه يا ست أنتِ ايه !!!بقولك بيتهمني في شر.في ولسه بتبرري عشان الفلوس يا شيخة ملعو.ن أبو الفلوس اللي تخليكي بالشكل ده …بس خلاص كده كفاية …مادام أنتِ كده يا ما يبقي أنا هكون أسو.أ منك وهفكر في نفسي وبس …زي ما أنتِ بتفكري في نفسك وبس …زي ما أنتِ انانية ..أنا كمان هكون أنانية!!!
……………….
خرج أمير من الحمام بعد أنا اخذ وقته في استحمام هادئ منعش …كان يجفف شعره بينما يرتدي بيجامة رمادية …القى المشنفة علي سلة الغسيل بالحمام ثم أتجه الي الغرفة التي يتشاركها مع نوح الذي كان نائما بعمق …توقف فجأة وهو يشم القطعة العلوية من البيجامة ثم يشيح بوجهه وهو يقول؛
-دي مش نضيفة …أنا ازاي مشمتش ريحتها …كل بسبب عكي اني بحط الهدوم اللي مش نضيفة علي الهدوم النضيفة…نوح لو شافني هيعملهالي مناحة وانا مش ناقص فبكل أدب هقلع البيجامة دي وألبس غيرها …
ثم بدأ بفك أزرار الجزء العلوي من منامته …فجأة بدأت عبير تستيقظ من نومها وفتحت عينيها بصعوبة لتجد أمير عاري الجذع بينما يديه تتجه لبنطاله …صرخت بقوة ليقفز أمير فعليا برعب تأكدت عبير من ان شعرها المستعار وشاربها ولحيتها بمكانهما …وتنهدت براحة ..حافظت عبير بصعوبة علي خشونة صوتها وقالت:
-أنت بتعمل ايه؟؟!بتخلع ليه….ليه ؟!
-فيه أيه يا باشا مالك …بسم الله الرحمن الرحيم …أنت كويس فزعتني !
-أنت اللي فزعتني …ليه بتخلع هدومك ؟!
نظر أمير الي نوح بتوجس وهو يفكر انه بالتأكيد فقد عقله ..بينما كانت عبير ما زالت تشعر بالقلق من التصرف الغريب لأمير …
-البيجامة مكانتش نضيفة فقولت أغيرها وأنت صحيت فجأة وصرخت وبسببك قطعت الخلف!!
وضعت عبير كفها علي صدرها وقالت:
-وأنت تخلع هنا ليه مفيش حمام ؟!مش مفروض تغير في الحمام ..بتغير هنا ليه حرام عليك ؟!
رفع حاجبيه بدهشة وقال:
-وايه المشكلة اني أغير هنا ؟!!أيه الكارثة اللي عملتها يا أستاذ نوح ؟!
أجابت عبير بسرعة وقد شعرت بالغضب:
-المشكلة اني موجود هنا فكان لازم يكون عندك شوية ذوق يعني وتغير في الحمام …عيب تغير قدامي …
-احنا رجالة زي بعض …
ارتبكت عبير وتلعثمت ولكنها قالت:
-حتي لو ميصحش كده …روح غير في الحمام لو سمحت ….
ابتسم أمير وقال:
-عندك حق يا نوح ..أنا اسف…حقك عليا …أنا رايح الحمام
ثم أخذ الجزء العلوي من منامته وذهب نحو الحمام ليبدل ثيابه…
وقعت عبير علي الفراش القاسي وهي تضع كفها علي قلبها وتقول :
-الحمدلله كنت هتمسك …لازم أخلي بالي بعد كده…
صمتت قليلا ثم ضحكت وهي تتذكر كيف انها صُدم وهي تصرخ بتلك الطريقة …تعترف انها فزعته كثيرا ….
ضحكت مجددا …
-بتضحك علي ايه يا مجنون…
قالها أمير وهو يلج الي الغرفة لتوأد عبير ضحكتها وتقول بصوت خشن :
-ولا حاجة افتكرت موقف ضحكني كده حصل…
ضحك أمير وهو ينام علي الفراش الأرضي وقال:
-أنهي موقف ده …لما صرخت من شوية زي النسوان …والله فزعتني افتكرت ان فيه ست معايا في البيت …
ضحكت عبير وقالت:
-هما الستات عاملينك عقدة للدرجة دي …
هز أمير رأسه وقال:
-لا أبدا …بشوف الستات هما الجزء الاحلي في حياتنا…كائن رقيق ..حياتنا تبقي ناقصة كتير من غيره
ابتسمت عبير وقالت؛
-هما فعلا كده …صحيح عمرك ما فكرت تتجوز يا أمير …
مط أمير شفتيه وقال:
-فكرت كتير …بس أيه لازمة أظلم بنت الناس معايا …أنا واحد ميكانيكي علي قدي …والفلوس اللي جاية قد اللي رايحة…أنا لو اتجوزت ممكن اجوع بنات الناس معايا …
-انا شايف أنك بتقلل من نفسك …انت شاب جدع وطموح وأكيد.هتوصل في يوم من الايام وتبقي تقول نوح قال …
تثاءب أمير وقال:
-يسمع من بوقك ربنا يارب …اعذرني يا باشا أنا هنام..عن إذنك …
ثم وغط في النوم لتبتسم عبير وهي تنظر إليه ..كان يبدو حقا مثل الاطفال
…………………..
مر اليومين بلمح البصر …والدتها انتقلت بسرعة لمشفى ليتم علاجها وبمساعدة شريف اخترعت كذبة رائعة للغاية وهي انها تعينت بشركة شريف ويجب أن تسافر اسبوعين بسبب العمل …كان قلبها يحـ ترق وهي تكذب علي والدتها بتلك الطريقة …كم كرهت شريف في هذا الوقت ….كر.هته كثيرا
..تمنت حقا أن تقتله …فبسببه هي أصبحت رسميا عبير صديق…ثم محوها كجواهر رشوان للأبد…جريمة متكاملة الأركان عقابها السـ جن لسنوات لو تم كشفها من قبل عدي … لما فقط لا تموت وترتاح من تلك الكارثة …كل الطرق أنسدت امامها …
…
نظرت الي المرآة لتجد عروس لا تشبهها هي في شئ ….عروس لا تنتمي لهذا العالم ابدا …علي الرغم من روعة فستان الزفاف الا انها شعرت وكأنه كفن يلتف حول جسدها…شعرت ان اليوم ليس زفافها بل مماتها …تلك ليست زفتها بل هي جنازة …جنازتها هي ….تساقطت دموعها وشهقت بألم … فجأة أنفتح الباب ليدخل شريف …نظر إليها بدون رضا وقال:
-برضه بهدلتي ميكاجك …
جلس علي المقعد بتعب وقال:
-أنتِ بتعانديني يعني ؟!
اقتربت جواهر منه وهي تبكي
-أبوس إيديك يا باشا وقف الجوازة دي …أبوس إيديك ألغيها خالص لسه فيه وقت !!
قالتها جواهر وهي تركع علي ركبتيها بينما يجلس هو علي المقعد …لم تهتم بفستان زفافها الناعم الذي تجعد تحتها ولا بزينتها التي تدمرت بفعل البكاء …
أمسكت كفيه وأكملت وهي تبكي بعنـ ف:
-يا باشا أبوس ايديك ألغي الفرح …ابوس إيديك أنا مقدرش أعمل حاجة زي كده…حر.ام تعيشني العذ.اب ده
ظل ينظر إليها مطولا …عينيه كانت فارغة …بلا أي مشاعر…بلا شفقة وقال :
-للأسف مينفعش …أنا مش ههد كل حاجة علي آخر لحظة ….أنتِ السبب في ده كله مش أنا ..
مسحت دموعها وهي تقول من بين شهقاتها:
-طيب أنا موافقة أتجوزه بس بصفتي الحقيقية بإسمي الحقيقي …جواهر رشوان …نقول لعدي الحقيقة وانا مستعدة أتجوزه!!
ضحك شريف وقال :
-أنتِ عبيطة يا ماما …وهو عدي لما يعرف حقيقتك هيتجوزك ليه ؟!ازاي هيرضي يتجوز واحدة زيك …مجرد بنت متشردة …أمها كانت بتخدم في البيوت!!!
فغرت فاها بصدمة وهي تشعر بقلبها ينسحق داخل صدرها …لا تصدق ان هذا هو شريف …شريف الذي تربت مع ابنته…لقد اعتبرته يوما والدها !!!..كيف يمكنها أن تنخدع فيه بتلك الطريقة …هي حقا متألمة …قلبها يتمزق بسبب كلماته !!
قرب وجهه منها وقال بغضب :
-أنا هجيب حد يضبط ميكاجك وننزل ونكتب الكتاب ونخلص من المهزلة دي يا جواهر أنا مش ناقص دلع …خلصيني !!!.
……
بعد نصف ساعة …
كانت قد عادت تشع.كما السابق تتأبط ذراع شريف وتنزل السلالم وهي تمسك.طرف فستانها..
قلبها كان ينعصر من الأ.لم ولكن وجهها كان جامد تماما …دون اي انفعالات …
كان عدي يجلس علي الأريكة يدخن سيجارته بهدوء بينما علي يمينه الشيخ الموقر وعلي يساره الشهود… نهض ما ان رآي شريف …وهذا ليس من اجل شريف من الأساس بل من أجلها هي …مرت عينيه السوداء عليها …لقد إزداد الفستان جمالا عندما ارتدته حقا …
جلست جواهر بعيدا وهي تفرك يديها بعنف بينما نظر إليها الشيخ وقال برقة :
-موافقة يا بنتي علي الجوازة دي
نظرت إليه جواهر بعيون ميتة وقالت:
-موافقة …
-علي بركة الله نبدأ …
ثم بدأ في كتب الكتاب …
أخيرا أعلنها الشيخ …أعلن حكم الإعدام عليها وانها أصبحت زوجة عدي رشيد رسميا بقوله
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير …
شهقت جواهر وهي تكتم دموعها قسرا …لقد نالت حكم الإعدام ..وماتت جواهر وهي الآن عبير صديق …هي الأن بيري وستلعب هذا الدور جيداً…الآن جاء دورها لتكون السيئة في رواياتهم!!
يتبع
رواية اين انا الفصل الثاني والعشروين 22 بقلم ضحي ربيع